سوق الرابية
عرف الحضارم التجارة منذ قديم الزمان وبرعوا بها واتقنوها وعملوا لها أسواقاً وأحد أشهر هذه الأسواق سوق الرابية
وروى ابن هشام في السيرة عن إبن إسحاق عن الزهري هذه الرواية أيضا .
ومن هذه الأسواق ما كانَ يقتصرُ على ما يجاوِرُها من القُرى ومنها ما كانَ عامّاً يَفِدُ إليه الوافدونَ مِنْ أطرافِ الجزيرةِ كُلها .
وقدْ بَلَغ عدَدُ الأسواقِ الموسميةِ قبلَ الإسلامِ أكثرَ من عشرينَ سُوقاً ، أهمها: عُكاظُ ، وذو المجاز، وَمَجنّة، ودومةُ الجندْل، وعدنُ، وحضروموت، وصنعاء ، ومكةُ ، وهجَرُ ، وأذرعاتُ ، وبُصْرَى . إلا أن أعظمها سوقُ عُكاظ .
وبعد الانتهاء من" سوق هجر"[حاليا المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية ] يرتحلون نحو عُمان بالبحرين , فتقوم سوقهم بها .. ثم يرتحلون فينزلون الشحر فتقوم أسواقهم بها أياما ،ثم يرتحلون فينزلون "الرابية"من حضرموت ,و الرّابِيَة كما في جاء في [ المحيط في اللغة 2/ 442 ] هو مكان مرتفع ،ومفرده رَبَاءٌ: مُرْتَفِعٌ. وقَوْلُه عَزَّ وجَلَّ: " وآوَيْنَاهُما إلى رَبْوَةٍ " قيل: هي المَقَابِرُ ويُقال لها الرِّبْوَةُ بفِلَسْطِين. انتهى
و يمكننا أن نحدد موقع هذا السوق مكانيا بجغرافية اليوم فهو (منطقة بمدخل وادي العين مابين قرية عدب ولقلات) من مديرية حوره وادي العين إحدى مديريات وادي حضرموت ،ويبعد المكان هذا بحوالي 30 كيلو متر إلى الغرب من مدينة شبام التاريخية ويسمى ـ( الرابية )ـ وبه بقايا مساكن أثرية قديمة ومنها ماهو باقي ولا زال قائماً حتى اليوم .
وقد ذكر اليعقوبي في تاريخه هذا السوق وشهرته لدى عرب الجزيرة العربية ومكانة كندة المنظمة والتي تقوم بدور الخفارة للقادين للتسوق قال : (... سوق الرابية بحضرموت، ولم يكن يوصل إليها إلا بخفارة لأنها لم تكن أرض مملكة، وكان من عز فيها بز، وكانت كندة تخفر فيها.)
وكانت قبيلة كندة من أهم مواضعها ومساكنها في تلك الفترة كما ذكرته عدة مصادر ومراجع تاريخية وادي العين ودوعن فاعلاهما الحصون وأسفلهما الزروع والنخل ،وأما تجيب من كندة فتسكن "كسر قشاقش " في وسط الوادي ،إضافة إلى سكن بعضاً منها في أعالي حضرموت . ومن بطون كندة العظيمة تجيب ،والعباد وبنو معاوية ، والسكسك والسكون ،وما الصدف على خلاف بين المؤرخين والباحثين إذ يرى البعض من أنهم جزء من قبيلة حضرموت أو هم قبيلة حضرمية قديمة مستقلة ،وذهب الهمداني في صفة جزيرة العرب خلاف ذلك .
وتقوم كندة بسوق الرابية كما تقدم ذكره في النصف من شهر ذي القعدة إلى آخر الشهر ،وكان لايصل أليها أحداً إلا بحماية من قبيلة كندة الحضرمية ،لأنه لن تكن أرضا تحت إدارة حكومية معينة ،ولهذا كانت الغلبة للأقوى ،فكانت قريش تأخذ الحماية من بني آكل المرار من كندة ،وسائر الناس يحتمون بقبيلة حضرموت وخاصة من آل وائل بن حجر الحضرمي الذين كان يتزعمهم الصحابي وائل بن حجر الحضرمي زعيم حضرموت وهو ماترجح لي من ذكر " آل وائل " في رواية تاريخية ذكرها أبن حبيب في المحبر وتاريخ اليعقوبي على أنهم من كندة والصحيح أنهم من حضرموت .
وأما آكل المرار يطلق على الحارث بن حجر – بضم الحا والجيم – بن عمرو والد الشاعر الجاهلي المعروف امرئ ألقيس الكندي ،وسمي بهذا الاسم وقصته مشهورة؛ على أنّ زوجته و صفته لخصمه عمرو بن الهبوله الغسّاني الذي أغار على ديار كندة [ قبل عودة بنو عمرو بن معاوية فرع من كندة إلى حضرموت من مهاجرهم ومساكنهم السابقة في شمال الجزيرة العربية ] وكان الحارث غائباً واستطاع أن يأخذ غنائما وسبايا بما فيها زوجة الحارث فأنذرت زوجته الغسّاني بأن زوجها في حالة غضبه كرجل أدهم أسود كأن مشافره مشافر بعير آكل المرار . والمرار نباتات مرّة إذا أكلها البعير قلعت مشافره وقلعت أسنانه 0
وقد استطاع الحارث بن عمرو الكندي قتل ابن الهبولة الغسّاني وأنقذ زوجته ...
و روى أن الأشعث عندما قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قومه راكباً مع كندة قال: يا رسول الله" نحن بنو آكل المرار وأنت ابن آكل المرار"، قال، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: ناسبوا بهذا النسب العباس بن عبد المطلب، وربيعة بن الحارث، وكانا تاجرين إذا شاعا في العرب وفي رواية البيهقي عنه: إذا سارا.وفيه فسئلا ممن أنتما ؟ قالا: نحن بنو آكل المرار يعني ينسبان إلى كندة ليعزا في تلك البلاد لان كندة كانوا ملوكا، فاعتقدت كندة أن قريشا منهم لقول عباس وربيعة نحن بنو آكل المرار وهو الحارث بن عمرو بن معاوية بن الحارث بن معاوية بن ثور بن مرتع بن الحارث بن عمرو بن حجر بن عمرو بن معاوية0
ورواية: ( نحن بنو آكل المرار وأنت ابن آكل المرار فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال :
( نحنُ بنو النضر من كنانة لا نقفو أُمّنا ولا ننتفي من أبينا ) ))
وذكر القصة إبن كثير في البداية والنهاية .
0 التعليقات :
إرسال تعليق